“تــرقــيــص الأطــفـــال” غـرض شعريٌّ أصيل…./كناش د/ولدعمارو

من المعروف أنّ العربَ القدامَى كانوا يداعِبونَ أطفالَهم ويُرِقِّصونَهم بمقطوعاتٍ خفيفةٍ، تُمَجّدْ المَوْلودَ، وتَذْكُرُ مَحامدَ ذَوِيه، وتدعُو له بالتّعميرِ والنَّصرِ على الأعداءِ، وغيرِ ذلك من المزايَا والخصالِ المحمودةِ.

فهذه أعرابيَّةٌ تُرقِّص وَليدَها، وتقول:

يَـــا حَــــبَّـــذَا رِيــحُ الْـــوَلَـــدْ
رِيـــحُ الْـــخُــزَامَــى فِـي الْبَلَدْ

أهَــــــكَـــــذَا كُـــــــلُّ وَلَـــــــدْ
أَمْ لَــمْ يَــلِـدْ مِــثْــلِــي أَحَــدْ؟

ولنا في ترقيصِ حليمةَ السعديةِ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ بُلْغَةٌ حِينَ تقولُ:

يَـــا رَبِّ إِنْ أَعْـطَـيْـتَـهُ فَـأَبْـقِـهِ
وَأَعْــلِــهِ إِلَـى الْــعُــلَـى وَأَرْقِــهِ
وَادْحَـضْ أَبَـاطِيلَ الْعِدَا بِحَقِّـهِ.

ولا يقتصرُ التّرقيصُ على النساءِ، بلْ كانَ الرجالُ يُرَقِّصونَ المواليدَ؛ وخَيرُ مثالٍ عَلَى ذلكَ ما يُروَى من ترقيصِ الزبيرِ بنِ المطلبِ له صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ:

مُـــحَـــمَّـــدُ بْـــن عَــبْــدَمِ
عِـــشْـــتَ بِـــعَــيْـشٍ أنْعَمِ
فِـــي عِـــزِّ فَـــرْعٍ أَسْــنَـمِ.

واحتِذاءً للقومِ، واحتفاءً بسَنَنِ الأَقْدَمِينَ، واحتفالاً بهَدْيِ حاضِنَتِهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلّمَ حَليمَةَ السَّعْدِيَّةِ، وهَدْيِ عمِّهِ الزّبَيْرِ، وتَقْلِيداً لسَلَفِنَا الصّالِحِ، رَقَّصَ الوالدُ – أطالَ اللّهُ بقاءَه في طاعةِ اللهِ ورسولِه، آمين.- بَعْضَ غِلْمانِ العشيرَةِ مُتَّخِذاً منهمْ رَافِعةً يعرِضُ فيها بعضَ خصالِ ذويهِمْ، وَجَوانِبَ مِنْ مآثِرِهِم.

قال في محمد محفوظ بنِ محمّد عمر بنِ أحمد ابّاه (شَاكِر):

بُـورِكْـتَ مِــنْ وَلَــدٍ يَـبْـأَى بِهِ الْـعَدَدُ
يَـقْـتَـادُهُ لِلْــمَــعَـالِـي “الْيُمْنُ وَالرَّشَدُ”

يَـرْقَـى، وَيَـبْـقَى، وَيَلْقَى كُلَّ مَحْمَدَةٍ
مِـنْ فَـضْـلِ مَنْ لَمْ يَكُنْ كُفْئاً لَهُ أَحَدُ

مُـكَــرَّمــاً طُـولَ عُـمْـرٍ فِـي بُـلَــهْـنِـيَـةٍ
“لِآلِ يَـعْـقُـوبَ” نِـعْـمَ الـكَـهْفُ وَالسَّنَدُ
______________

ويقول في محمد محمود بنِ المختار النش بنِ الولي:

يَــا اللـه الــمَــحْــمُـود الــمَـعْـبُـودْ
بــالْــعــلْــم الــنَّـافـعْ مَـعْـلَـمْ عُـودْ

“الــحَــافــظْ مُـحَـمَّـدْ مَــحْــمُــودْ”
إِلَـــيْــن ايْــعُـــود امْــن الْـــعــلْـــمَ

مَــعْــدُود، ؤفــالْـحُـفَّـاظ ايْــعُــودْ
مَــعْــدُود، واعــدُّو فــالــزّعْـــمَـــه

واتْــمــدّ افْــعُــمْــرُو لَــيْـنْ ايْسُودْ
كِـيـف اجْـدُودُو، وَاصْـل الـرَّحْـمَـه

يَـذَاك امْــن الْــعِــلْــم الْــمَــرْفُـودْ،
وامْـــن الــسِّـيَـادَه، والْــحِــكْــمَـه.

✓. ✓. ✓.

وايْـــعُـــود الْـــ “ـولّ ابَّ وابَّـــيْــنْ”
وَاعْـــيَـــانْ الْــقَـــبِـــيـــلَــه نِـعْـمَـه،

ؤقُـرّتْ عَــيْــنِــيـن، وقُـرّتْ عَـيْـنْ
“لِـلْــمُــخْــتَــار الــنَّـشّ، ؤسَـلْـمَـى”
______________

ويقول في أحمد محمد بنِ العبادلة بنِ بللَّ:

تِهْ يَا غُلَيِّمُ وابْجَحْ بِـالــمَــحَــامِــيــدِ
سَليلَ بَللَّ، حَفِيدَ الـنَّـدْبِ “دَحْـمُـودِ”،

وَذِي الْمَفَاخِرِ:” مَا الْعَيْنين”، قَدْ جُمِعَتْ
لَـكَ الـسِّـيَـادَةُ فِــي آبَــائِــكَ الــصِّــيــدِ

“آلِ المُجَاوِرِ” أَسْيَادِ الــعَـشِـيـرَةِ، مَــنْ
حَازُوا المَفَاخِرَ مِنْ عِـلْـمٍ وَمِـنْ جُــودِ.

✓. ✓. ✓.

أَعَــاشَــكَ اللهُ عُـمْـراً طَـيِّـبـاً، وَحَـبَـا
ذَوِيــكَ مَـا يُـرْتَـجَـى مِـنْ كُلِّ مَوْلُودُ

وَدُمْــتَ قُــرَّةَ عَـيْـنِ الْوَالِدَيْنِ، وَمَــنْ
فِــي حُـكْــمِ ذَيْنِكَ، فِي عِزٍّ، وَتَمْجِيدِ.

✓. ✓. ✓.

وَإِنْ تَكُنْ (عُهْدَةُ المِيثَاقِ) قَدْ مَــنَـعَــتْ
قَـوْدَ الْـكِـبَـاشِ احْـتِـفَـاءً بِـالْـمَـوَالِــيِــدِ،

فَـهَـاكَ تَـرْقِـيـصَـةً عَـجْـلَـى، يُـدَنْـدِنُهَا
شَــيْــخٌ أَغَــنُّ، بِــلَا طَـبْـلٍ، وَلَا عُــودِ.

تُغْنِي عَنَ اَمْلَحَ، ذِي قَرْنَيْنِ، يَنْظُرُ فِـي
سَوَادٍ، اَصْحَلَ، ضَافِي الصُّوفِ، أُمْلُودِ.
______________

ويقول في الشيخ بنِ محمد الأمين بنِ عُبَيْدَنْ:

فِي “الشّـيخ” أعـطـيـنَ، واعـطيـنَ،
يـــا الله إلــيــن اتْــقــرّ الــعــيــنْ

لـــلـــوَالِـــدِيـــن: “ازْغَـــيْــلِــيـــنَ”،
“وَاهْــل ابِّـيـر الـتَّورَسْ لــخْـرَيْـنْ”.

✓. ✓. ✓.

بَـــرْكـــتْ تُـــفِـــيــتَـكْ لـلــقــرآنْ،
أبـركـتْ ذَا الـمـارگْ مـن الَاعـيـانْ،

الـعـلْـمَ، الَاقْـطـاب، الـــفــتـــيــانْ،
مــن گَـــدّ إزِرْيَـــانَـــكْ الَاثْــنــيـن:

مــــن “مــحــمــد عـبـد الـرحـمـنْ”،
” لَاحْـمَــدُّو”، لاجــدودَك لــخــرَيْــنْ،

“الْــمُــحــمَّــدْ”، واصْـل الــغُــفْــرانْ،
“والْدَحْمُود”، أشْـلِـي بِالــدَّيْـمِـيــنْ؟!

واحـسـب مـن فــم إِلَــى حَـــسّــانْ
فــاجــدودَكْ، بَـايْـدِيـك الـثَّـنْـتَـيـنْ،

وَاحـــســـبْ -وامْــوَدَّعْ للـسُّـبْـحانْ
الـــتَّــرْشَــه-: “سَـلْـمَـى والــدَّمِـيـنْ”.
______________

ويقول في شهاب الدين بنِ محمد الامجد بنِ محمد عيسى:

غُــلَيِّــمَــنَــا، “سُـلَـيِّـلَ ذِي الْـمَـعَـالِـي”،
رَعَــاكَ اللّـهُ مَـــحــمــودَ الـخِـصَـالِ.

وَضَـعْـتَ عَـلَــى جَـبِـيـنِـكَ تـاجَ عِـزٍّ
بِــهِ ظَـــاهَــرْتَ أَسْــمَــاطَ الــلَّآلِــي.

جَــمَــعْـتَ خِـلَالَ “أَحْـمَـدْ فَـالَ” خـالاً،
إِلَــى أَمْــجــادِ آلِ “أَبِــي الـمَــعَـالِــي”.

تَـمَـايَـلْ حَـيْـثُ شِـئْـتَ: عُـلاً وَفَخْراً.
وَدَنْـدِنِْ: “(وَيْــدَلَالِــي، وَيْـــدَلَالِــي)”.
______________

وله ترقيصاتٌ لمواليدَ منْ خارجِ العشيرةِ، منها قولُه في أحمدَ بنِ الخليلِ السُّبَاعِيِّ:

مِنْ دَوْحَةِ الشُّرَفاءِ “عِتْرَةِ أَحْــمَــدِ:”
حَـلِـيَ الـزّمـانُ بـسَـيِّـدٍ مِـنْ سَـيِّـدِ

إذْ بـالـدُّمَـيْـسَـاتِ ارتـقـى بخُؤُولَةٍ
وعُـمُـومَـةٍ، مِـنْ “آلِ سِـيـدِ الـسَّـيِّـدِ”

فَـلَـهُ الْـيَـدُ الـطُّـولَـى عَـلَـى أتْـرابِه
فِـي الـعزِّ، وَالْعَلْيَا، وَطِيبِ المَـحْتِدِ

فـاشْـمَـخْ بِـأَنْـفِـكَ يَـا حَـفِـيـدَ “مُحَمَّدٍ،”
يَـا ابـنَ “الـخَـلِيلِ”، وَيَا سَليلَ “مُحَمَّدِ”.

فَــلَــقَــدْ دُعِـيـتَ “بِأَحْـمَدٍ،” كَيْمَا تَـنَـا
لَ مِــنِ اسْمِهِ أَسْمَى مَعَانِي السُّؤْدَدِ

أبْــقَــاكَ رَبُّــكَ مَــا حَــيِــيـتَ مُـبَرَّأً
مِــنْ كُـلِّ عَـيْــبٍ فِي نَعِيمٍ سَرْمَدِي

وَأَنَـــالَ أُمَّـــكَ فِــيــكَ قُــرَّةَ عَيْنِهَا
حَــتَّــى تَـكُــون لِـعَـيْـنِـهَـا كَـالإِثْمِدِ

✓. ✓. ✓.

خُـذْهـا إِلَـيْـك عَـقِـيـقَـةً؛ مـا مِـثْلُهَا
أَبَــداً بـهِ عَـقَّ الْـمُـلُـوكُ بِــمَــوْلِــــدِ
_______________________________

اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعـلَـى آلِ مُحَمَّدٍ،
َ كـمـا صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ
َ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّـهُمَّ
َ بَـارِكْ عـلَـى مُحَمَّـدٍ وعلَى آلِ
َ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَـى
َ إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ
إبْــرَاهِـيـمَ إنَّـكَ
حَــمِـــيــدٌ
مَجِيدٌ

كتبه “محمّد سالم بنُ محمّد عبد الله بنِ عُمَرُ،” ٧ جمادى الآخرة ١٤٤٣ / الموافق: 11 يناير 2022.

شارك هذه المادة